أكتوبر 28, 2007

أمريكا الصّدِّيق الأكبر – ناجي العلي

Posted in من هنا وهناك, شؤون بحرانية في 11:27 ص بواسطة 3aneed

كتب: Naji Al Ali – ملتقى البحرين 26-6-2006

 

بسم الله قاهر الجبارين

“وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا”

 

 

في الحديث الذي دار في مجلس الأستاذ حسن مشيمع قبل عدة أسابيع أشار سماحة الشيخ علي سلمان إلى موازين القوى التي تقف حائلاً دون تحقيق مطالب الناس وأتذكر منها:

1-    القوة الاقتصادية التي استطاعت الدولة أن تحولها لصالحها خلال ثلاثين عاماً.

2-    دول الخليج بصورة عامة، والمملكة العربية السعودية خاصة.

3-    بريطانيا وأمريكا، حين حدثناهم طلبوا منا المشاركة في البرلمان.

وقد قام الأستاذ حسن بالرد على مجموعة من هذه الإشكالات.

ما يهمني إثارته في موازين القوى هو الثالث حيث أنها ليست المرة الأولى التي يصرح فيها الشيخ علي بأن السفارتين الأمريكية والبريطانية قد نصحوهم فقد كان قبلها تصريحه بخصوص التسجيل ضمن قانون الجمعيات حين قال بأن الأمريكيين والبريطانيين نصحوهم بالتسجيل، والمشاركة في البرلمان القادم.

وقال كذلك بأنه بعد الإنقلاب الدستوري ذهبوا للسفارتين ونصحوهم بالمشاركة والقبول بدستور 2002

فهل السفارتين الأمريكية والبريطانية يعتبرون مستشارين صادقين صدوقين لجمعية الوفاق الإسلامية؟ وهل غيرت السفارتين موقفهم من الحركات الإسلامية؟

هل كل ما يتوجب علينا هو الأخذ بما تقوله السفارتين وكأنه قرآن منزل ولا يجوز لنا العمل على إقناع مؤسسات المجتمع الأهلي في الولايات المتحدة في الضغط على وزارة الخارجية الأمريكية لتغيير مواقف السفارتين؟

هل السفارتين هما كل مواقع اتخاذ القرار أم أنهما مجرد انعكاس للقرار الذي يطبخ في أماكن أخرى؟

هل الحركة الإسلامية في البحرين من الذل بأن تقبل بكل ما تمليه عليها السفارتين الأمريكية والبريطانية، أم أن الحركة الإسلامية في البحرين ما هي إلا إسلام أمريكي؟ (إسلام على طريقة بوش)

وكيف نقبل بنصيحة السفارتين في الأمور السياسية التي تدعو إلى مهادنة النظام وسلب حقوقنا، ونتمترس في رفضنا للأحوال الشخصية بمقولة أن قانون الأحوال الشخصية قرار أمريكي؟

هل خصص يوم القدس العالمي فقط للعن أمريكا علناً، وبقية أيام السنة لإبداء فروض الطاعة والولاء لها؟

هل معارضة سماحة الشيخ عيسى للأحوال الشخصية نابعة عن موقف ديني أم أنها مجرد مناورة سياسية لتحسين شروط الدخول؟ وإن كانت نابعة من موقف ديني وأنه لازال يرى بأن أمريكا هي الشيطان الأكبر، فكيف تسير الوفاق في اتصالاتها واستشاراتها والأخذ بكل تلك الاستشارات وهي تحظى برعايته الكاملة؟

هل فعلاً أمريكا شيطان أكبر أم أنها صدّيق أكبر؟

 

وآن لي أن …

أكتوبر 27, 2007

أربعة وعشرون ألف دينار هي ديون رئيس أكبر كتلة نيابية !!!

Posted in 3aneed, شؤون بحرانية في 7:46 م بواسطة 3aneed

أخي عباس المرشد كتب مرة أن النواب يتسلمون 3 آلاف دينار فأين تذهب؟ ولكني لم اتصل لأصحح رغم أنه أخي، بالنتيجة هناك رؤية في هذا الاتجاه وهو أن النائب يتسلم 3 آلاف دينار فأين تذهب؟ ولكن الواقع العملي يقول إن علي مترتبات ديون 24 ألف دينار تقريباً، منها ديون زواجي وديون الانتخابات.

صحيفة الوسط العدد 1847 الخميس 27 سبتمبر 2007 الموافق 15 رمضان 1428 هــ

http://www.alwasatnews.com/newspager_pages/print_art.aspx?news_id=78429&news_type=LOC

أربعة وعشرون ألف دينار هي ديون رئيس أكبر كتلة نيابية في المجلس الوطني البحريني هذا ما صرح به شخصياً لجريدة الوسط … ديون زواج وديون انتخابات؟!!

يا ترى ماذا يفهم من هذا النائب وما هي قدرته على التخطيط وقراءة المستقبل؟

حيث لا يخفى على أحد بأن هذا النائب:

أحد رجال الدين في البحرين

قضى ما يقارب الشهر في بريطانيا كشهر عسل.

استكمل أفراح الزواج بالانتقال بعدها إلى إيران.

الأسئلة التي تثار هي:

من هي الجهة / الجهات التي مولته بالقروض؟ لاسيما وأن البنوك لا تمنحه قرض لعدم وجود ضمانة وظيفية لديه؟

ما هي الرسالة المراد توصيلها إلى فقراء الشعب من إمام الجماعة الذي يقضي شهر عسله في لندن ويخرج بمديونية كبيرة؟

ما هي آلية تسديد الديون التي اعتمدها إمام الجماعة حين قرر أن يحمل نفسه بقرض بهذا الحجم لاسيما وأنه لم يكن لديه مقعد برلماني حينها؟

في نفس المقابلة أثير بأنه بعد دخوله المجلس النيابي فقد توقف استلامه لراتبين كان يستلمهما من مكتب الشيخ عيسى والشيخ الجمري (قدس)، فنتساءل بأي لحاظ كان يستلم هذين المرتبين وكم قيمتهما وهل هما كافيان لتغطية دين الزواج حينها؟

هل لهذه القروض أي تأثير على الموقف السياسي، أو التبعية السياسية لمواقف رئيس الكتلة؟

يا ترى هل كان بالإمكان إقامة زواج الشيخ على قدر الميزانية المتوفرة بلحاظ كونه قدوة، وكون الديون المالية تشكل هاجس حقيقي للمواطن العادي فضلاً عن السياسي المفترض كونه معارضاً؟

أكتوبر 24, 2007

الإمام الحسن المجتبى (ع) شماعة الجبناء

Posted in 3aneed, شؤون بحرانية في 9:23 م بواسطة 3aneed

أُتحفنا قبل فترة بدرس حول المسايرة والمسالمة يحوي ما يحوي من تزييف وعي المتلقي، وإيهام مضل حول خط الإمام الحسن (ع) وكيف أن البعض يدعي بأنه يسير على منهج الإمام (ع) في مسالمة – الركون – الحكم الظالم، ويدعي بأنه ممتثلاً لهذا النهج، قائماً بتكليفه الشرعي.

زاعماً بأن المنهج الثوري لا يكون إلا بالسلاح، والخروج على النظام الحاكم ومحاربته بالوسائل المسلحة، وأن من يتخذ منهج المسالمة –حسب زعمه- قد يعارض النظام، وقد يعتصم وقد يخرج بمسيرة معترضاً على أمر ما، ولكنه لا يحمل السلاح في معارضته للنظام.

بداية زعمه باطل وتعريفه للمنهج الثوري واختزاله في مسألة حمل السلاح يدل على خواء فكري وعدم إلمام بالمناهج السياسية والمقاومة ولم يطلع لا من قريب ولا بعيد على ثورة الإمام الخميني ولا على ثورة الملح التي قادها غاندي.

إن اختزال المنهج الثوري في مقاومة الظلم على حمل السلاح يدل بأن هناك من يعمل بقصد أو بدون قصد على وصم من ينتهجون هذا المنهج (=الثوري) بالتطرف والإرهاب ليقدمهم على طبق من ذهب لرب البيت الأبيض ويسهل ضربهم من قبل النظام الحاكم.

وهذا الأسلوب ليس بالجديد على معتنقي ما يسمونه بالمنهجي السلمي لأنه ليس سوى إعادة إنتاج لأسلوب اتخذ سابقاً لفض الناس عن التيار الشيرازي(=مقلدي السيد الشيرازي (قدس)) في أوائل ثمانيات القرن الماضي وضربه لكي يستولي هذا المنهج (=منهج الجبناء) على الساحة الشعبية ويمتد من حينها إلى هذا اليوم.

نعود من جديد إلى مسألة منهج الإمام الحسن وإساءة البعض إلى هذا الإمام واستغلال موقفه من الصلح مع معاوية للاستمرار في منهجهم الأصلي وهو منهج الجبناء.

 

أستطيع أن أقول بالإمام الحسن (ع) اتخذه الراكنون للدنيا شماعة لكي يستمروا في وضعهم الاجتماعي المريح واستمرار سياسة “يدٌ تُقبل ويدٌ تأخذ”.

لماذا لا ينطبق عليهم منهج الإمام الحسن (ع) وهو من سالم معاوية؟

الإمام الحسن عليه السلام هو حجة على المؤمنين كما بقية الأئمة (ع) ولكن هل فعلاً سالم الإمام الحسن (ع) معاوية كما سالم أولئك المدعون النظام الظالم؟

هل علينا كأتباع مدرسة أهل البيت أن نأخذ بالنتائج دون أن نأخذ بمقدماتها؟

هل إتباع أهل البيت يكون بأن نسالم النظام لأن الإمام الحسن (ع) سالم معاوية؟ وهل مسالمة الظالم هي الأصل أم إقامة العدل هي الأصل؟ فأيهما الأصل وأيهما الاستثناء؟

هل يجوز لنا أن نقفز لمسالمة الظالم مباشرة دون أن نمر بمراحل إقامة العدل؟

وهل يسقط تكليف إقامة العدل لأننا قررنا أن ننهج منهج الإمام الحسن ونسالم النظام؟

الإمام الحسن (ع) قد أعد العدة للحرب، فهل هم أعدوها؟

الإمام الحسن (ع) قد خرج بالجيش إلى الحرب، فهل هم قد خرجوا؟

الإمام الحسن (ع) اختبر أنصاره قبل المسالمة، فهل هم اختبروا أنصارهم؟

لقد قرر الإمام بأن الأصل هو إحقاق العدل، ولكن لخذلان قادة الجيش، اضطر للصلح “المسالمة”؟

فهل أعدوا العدة لإقامة العدل والحق ولكن لم يستطيعوا فسقط التكليف لكي يسالموا؟

وكيف تكون المسالمة في نهج الإمام الحسن (ع)؟

الإمام الحسن وضع شروطاً قبال شروط، وأخذ عهوداً قبال عهود، وأصر في شروط الصلح أن يعود له الأمر أو لأخيه بعد هلاك معاوية لكي يقيما الحق، فيا ترى ما هي شروط الصلح وما هو اتفاقهم مع النظام لكي نعرف وثيقة الصلح والمسالمة؟

فيا ترى هل منهجهم المسالم هو منهج الإمام الحسن (ع)؟ أم أن منهجهم لم يتعد كونه ركون للراحة والبعد عن غضب النظام؟

هل كان الإمام الحسن (ع) يقدم هدايا سياسية مجانية لمعاوية؟

هل كان الإمام الحسن (ع) يجبن عن مواجهة معاوية بالسلاح؟

هل كان الإمام الحسن (ع) يعطي الشرعية لنظام معاوية؟

هل كان الإمام الحسن (ع) يعتبر نفسه صفراً سياسياً لا يستطيع أن يؤثر في اللعبة السياسية؟

هل قال الإمام الحسن “إنه معاوية أبو الملوك” فكيف يتراجع عن رأيه؟ فنكس رايته؟

إن كان منهج الإمام الحسن (ع) هو المسالمة فيا ترى لماذا يضع شروطاً للصلح؟

ويا ترى ما هي عواقب عدم التزام معاوية بشروط الصلح؟ أم لا يوجد عواقب؟

إن كان الأصل هو المسالمة فما جدوى الشروط؟

وإن كان الأصل المسالمة فلماذا أعد الجيش للحرب؟

وإن كان الأصل المسالمة لماذا كان هو خطوة ما بعد الإعداد للحرب وليس قبلها؟

إذاً هل منهجهم هو منهج الإمام الحسن (ع) أم أن منهجهم منهج ما أنزل الله به من سلطان؟

أليس منهجهم هو الأقرب لمنهج الجبناء؟

         ما هي أهم محطات مقارعتهم للظالم؟

         ما هي أحوالهم المعيشية؟

         ما هي أوضاعهم الاجتماعية؟

         هل لديهم ما يخسرونه إن واجهوا النظام؟

         هل لديهم مكتسبات من النظام لعدم مواجهته؟

         ما حجم الخسائر الشخصية في حال التهجير أو السجن؟

         ما أهم التضحيات التي قدموها من أجل الناس؟

         ما تعريف الناس في خطاباتهم وواقعهم؟

أكتوبر 23, 2007

أسئلة لا إجابة لها حول الهدف الاستراتيجي من مشاركة الوفاق في الانتخابات البرلماني

Posted in من هنا وهناك, شؤون بحرانية في 1:05 م بواسطة 3aneed

كتب: 14 فبراير – ملتقى البحرين

 

كثيراً ما أختلي بنفسي متسائلاً عن الرؤية بعيدة المدى التي ربما تكون الوفاق قد ولجت إلى الانتخابات بسببها،ولكن نفسي تحدثني أن الوفاق اختزلت العمل السياسي في نشاطها البرلماني ونصبت نفسها ممثلة لشعب البحرين بكل أطيافه عن طريق مرجعيتها المحترمة كثيراً من قبلي لا لأداءها السياسي ولكن لنشاطها الديني والروحي.

 

مرت قافلة المشاركة بالعديد من المحطات التي كنت أتأمل من الوفاق وهي فصيل مهم من تكوينات القوى السياسية الرئيسية في المشهد السياسي البحريني، فقلت في حوار مع نفسي ولعلي لم أجد أجوبة يمكن أن تقنع عقلي الذي أحترمه كثيراً لما كان يراودني من أسئلة، فقد شاركت الوفاق وهي على علم بالتجربة ومخرجاتها، شاركت وهي تعلم أن الدوائر الانتخابية قد رسمت على أساس طائفي، وشاركت وهي تعلم ملياً أن مجلس الشيخ حمد عاجز عن أن يكون لساناً ناطقاً وممثلاً للشعب البحريني بكافة تلويناته، شاركت وهي تعلم أن الحكم قد دفع بممثليه من نواب الموالاة (نواب المراكز العامة) وان هؤلاء سيكون دورهم المنوط بهم هو مناكفة المعارضين للحكم، شاركت – الوفاق – وهي تعلم أنها عاجزة إعلامياً، شاركت وهي تدرك أن مشاركتها لن تترك لها طريق رجعة لتوظيف ورقة الجماهير في الضغط على الحكم من أجل استرجاع الحقوق المسلوبة،شاركت وهي ترفع شعارات أن وإن وليت ولكن ولعل، ومع ذلك مضت في قرارها الطائش الذي اختزل نضالات شعب البحرين بأجمعه، وافرغ حراكه السياسي من مضمونه.

 

تصرم دور الانعقاد الأول وكانت الحصيلة البرلمانية التي لن أحسبها إنصافاً على الوفاق، ولكن لنقل بأن مخرجات دور الانعقاد الأول من التجربة البرلمانية كان صفراً على جميع الأصعدة، صرح رموز الوفاق ومرجعياتها ونخبها السياسية كثيراً، وتقاذقت الجماهير يمنة ويسرة، وتخلت عن حقوق ناخبيها حين احتجبت عن جلسة توزيع الكعكة البرلمانية، وبحسب فهمي فإنه لا يجوز شرعاً للوفاق أن تتخلى عن ما تراه جماهيرها أنه أهم حقوق أكبر كتلة برلمانية من استحقاقات، إلا أن التندر الجماهيري الذي ترافق مع تصرم دور الانعقاد الأول كان دليلاً على السخط الشديد إذ أن الوفاق لم تستطع وبشهادة نوابها أن تدفع ضرراً أو ان تستجلب منفعة، وأطبق النظام على خناقها ولم يعطها رصيداً Credit يكافئها من خلاله على مشاركتها التي أعطته إياها على طبق من ذهب، فلا النظام عدل الدوائر الانتخابية، ولا الوفاق استطاعت أن تفشل مخططات السلطة ومؤامراتها (لم تحقق تقدماً على مستوى حلحلة فضيحة تقرير البندر، وساهمت في استقطاع نسبة الـ 1% من رواتب الكادحين الذين استاءوا من إسهامها في إقرار القانون الظالم(

 

وتبدى للمراقب المنصف أن رموز الوفاق وكتلتها البرلمانية بعد بدء دور الانعقاد الثاني كانت مخرجات تصريحاتهم أنهم غير راضين عن أداء الكتلة في ما سبقه من دور انعقاد (تصريحات الشيخ عيسى قاسم، تصريحات الشيخ حسن سلطان، تصريحات الشيخ علي سلمان(

 

فهل يمكن أن تنطلق الوفاق وبقوة في دور الانعقاد الثاني لتحقق ما فاتها تحقيقه في دور الانعقاد الأول، وهل وصلتها الرسالة التي أرسلها العديد من نواب الحكم وممثليه في مجلس الشيخ حمد بأن استجواب عطية الله غير دستوري، وانه سيسقط كما سقط في الدور السابق، ثم ما الذي ستفعله الوفاق إن هي لم تستطع أن تستجوب عطية الله وتدينه على إثر الحقائق الموثقة التي نشرها الدكتور صلاح البندر في تقريره؟ وإن استطاعت استجوابه فهل ستتمكن من محاسبته؟

 

هذه دعوة صادقة لاستشراف دور الانعقاد الثاني وهل يمكن للوفاق أن تحقق تقدماً خلاله في نشاطها البرلماني؟

 

http://bahrainonline.org/showthread.php?t=186799

أكتوبر 18, 2007

موقف الشيخ عيسى قاسم من الميثاق 2-1-2001

Posted in من هنا وهناك, شؤون بحرانية في 11:43 ص بواسطة 3aneed

بسم الله الرحمن الرحيم

الجديد في الشأن السياسي في البحرين

بصورة إجمالية يلمس وجود توجه رسمي لخلق بعض المناخات الجديدة بدرجة ما بالقياس إلى الحالة بعد إيقاف الحياة البرلمانية السابقة، تلك الحالة التي أرهقت البلاد وأغرقتها في سلسلة من المشاكل والأزمات المتصلة، وبعثرت من لحمة النسيج الوطني الذي كان يتصف بدرجة من المتانة والإستمساك.

والتوجه المشار إليه إذا التزم مسار الحق والعدل وواصله فسيكون عائده كبيراً على الوطن كله أمناً وتضامناً وتقدماً، وسيتيح فرصاً واسعة للتفرغ لإعمار الأرض وإنماء الإنسان لو أريد، ولأن الميثاق الوطني قد أريد له أن يكون خطوة على طريق الإنقاذ، والنأي بالوطن عن حالات التوتر والتصدع والخلاف، كان لابد من وقوف النظر عنده مطلعاً فاحصاً دارساً خاصة وأنه يؤسس لمستقبل طويل وعلاقات ثابتة، تنال بتأثيرها كل مواطن بما تستبطنه من سلب وإيجاب.

وقبل الكلمة في مشروع الميثاق المطروح، لي كلمة مقتضبة عن وجهة النظر الإسلامية في مسألة البيعة على الحكم والعقد الإجتماعي بين الحاكم والمحكومين، تجنبا للخلط بين الطرح الإسلامي في هذا المجال ـ وهو محل التعبد ـ وما عليه الفهم المعاصر في توجهاته الديموقراطية الأرضية الوضعيّة التي تعد أفضل مطروح أرضي، وحتى يتبين إلى أي مدى يمكن للإنسان المؤمن أن يتمشى مع هذه التوجهات البيعة في الإسلام:

كانت أكثر من بيعة من رجال ومن نساء لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لا لتنشئ له شرعية الحكم والولاية، وإنما لتستجيب لحاكميته وولايته الثابتة له على الناس من الله سبحانه جعلا، وهو عزّ وجلّ الولي الحقّ أولاً وبالذات، ولا ولاية لأحد من بعده على أحد إلا بإذنه، وحسب تشريعه، وإلاّ لم تجز أخذا ولا عطاء.

والبيعات التي حدثت لخلفاء بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شارك فيها الرجال على مستويات مختلفة، وكان الإلتزام فيها من جانب الخليفة صريحاً أو ضمناً أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، حتى أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أبى قبول البيعة في مجلس الشورى المعيّن بعد الخليفة الثاني بشرط العمل بسيرة الشيخين إلى جنب الكتاب والسنّة كما هو المعروف من التاريخ، ومن بديهيات الإسلام أن العقود كلها لازمة كانت أو جائزة، كالبيع والإجارة والنكاح والهبة والوكالة، فضلا عن البيعة على الحكم إنما تأخذ شرعيتها من خضوعها للحكم الشرعي، وتقيّدها بالكتاب الكريم والسنة المطهّرة، ولا عقد إلا ويؤخذ فيه شرعا أن يكون عن إرادة حرّة بعيداً عن الإكراه.

وترقى الكلمة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصف بيعته إلى أكثر من ذلك، حيث يقول كما في النهج «لم تكن بيعتكم إياي فلتةً» {نهج البلاغة، الخطبة 136} فهي لم تكن بلا رويّة أو تدبّر بسبب من ضغط إعلامي، وتأثير سلبي على رأي الناخبين المبايعين. على أن من تعين كونه إماماً للمسلمين في دين الله، وجب على المسلمين الدخول في طاعته بلا إشكال كما هو الشأن بالنسبة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو الإمام المعصوم عند الإمامية كأمير المؤمنين عليه السلام ميثاقٌ حاكم: ينطلق شرط العمل بالكتاب والسنّة والوقوف عندهما في بيعة الحاكم الإسلامي من حاكميّة ميثاق إلهي شامل مأخوذ على العباد كلّهم في أصل الفطرة والتكوين، ومواثيق إيمانية تالية له على كل عهد وميثاق، وعقد آخر نقف على الأول في قوله تعالى «وإذ أخذ ربُّك من بني آدم من ظهورهم ذريّتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنّا كنّا عن هذا غافلين» {الأعراف 172}

وشهادة العبد على نفسه بالعبوديّة، ولربه بالربوبيّة، شهادة تخرجه من حكم إرادته إلى حكم إرادة مالكه ومدبّره، وتوجب عليه الطاعة الكاملة والخضوع التام في كل شأن وحركة وسكون، وحروف هذا الميثاق محفورة في عقل الإنسان وقلبه ووجدانه، مما يقطع عليه الإعتذار يوم القيامة بالغفلة عنه ونسيانه، ومن أمثلة المواثيق اللاحقة لهذا الميثاق الواقعة على خطه ما تشير إليه الآيتان الكريمتان: «وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتُبيّنُنه للنّاس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون» {آل عمران187} “واذكروا نعمة الله وميثاقه الذي واثقكم به إذا قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور» {المائدة 7{

وهذا النوع من المواثيق يتمّ في حياة الإنسان على وجه الأرض حين يسلّم لرسالة من رسالات الأنبياء، ويدخل في ركب هذا الرسول أو ذاك متحملا الأعباء والأمانات التي تفرضها الرسالة. وما من بيعة مع رسولٍ من رسل الله إلا وهي بيعة لله أولاً وقبل كل شيء, ويد الله هي العليا «إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليهُ الله فسيؤتيه أجراً عظيماً»{الفتح 10}.

والله مالك العباد وكلّ أمر من أمورهم جَعَلَ من تفضله ومنّه وفاء بوفاء، وإلتزاماً بإلتزام، مع أنه ليس لأحد عليه من جميل، ولا له من طاعة أحدٍ نفعٌ، ولا لمن سواه عليه سلطان، وكل ما لغيره من خيرٍ فهو من فيضه، وهو عنه غنيٌّ.

نعم قد اشترط الله الغني الحميد الكبير على نفسه المثوبة لمن وفى بعهده وأدى واجب ميثاقه «… ومن أوفى بما عاهد عليهُ الله فسيؤتيه أجراً عظيماً» {الفتح 10} «الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق، والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربَّهم ويخافون سوء الحساب…أولئك لهم عقبى الدار» {الرعد 22} «قد أفلح المؤمنون …والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون» {المؤمنون 8} عهدهم مع الله عز وجلّ، وعهدهم مع الآخرين حيث ينبثق من العهد معه سبحانه ويتقيد بمقتضاه، ويتأطر بما يفرضه ويعنيه، وكما أن الوفاء بعهد الله عظيم مثوبته، كبير جزاؤه، فكذلك نقض عهد الله، وخيمة عاقبته، أليم عقابه «والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض، أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار» {الرعد 25}.

كل من ميثاق الفطرة ومواثيق الإيمان اللاحقة به تحدد للإنسان المؤمن خياراته ورؤيته للأمور وموقفه منها على ضوء الهدى الإلهي من غير أن تغيمَ رؤيته أو تضِلّ، أو يزيغ موقفه، أو ينتابه الإضطراب. وهذا على عكس إنسان منفلتٍ عن قاعدة الإيمان، ناسٍ للفطرة في شرقٍ من الدنيا أو غربٍ كافرَين؛ فإن مساحة خياراته واسعة جدّاً، وخبطه كثير، وضلاله مبين، وإفساده غامر.

مشروع الميثاق:

تنتقل الكلمة إلى مشروع الميثاق الوطني، لا في صورة دراسة دينية له وتقييمه من هذه الجهة، وإنما في صورة مطالعة سريعة له من جهة ما تبناه من شعار الديموقراطيّة ومقارنته بدستور عام 1973م مقارنة عابرة.

أشير أولاً إلى أن الصيغة المعدلة لمشروع الميثاق قد خلصته من بعض عيوبه كعيب التفويض المطلق الذي اتَّسمت به الصيغة الأولى، وهو الشيء الذي يبعد به كليا عن مستوى المواثيق المتعارفة. من بعد ذلك أضع الكلام في النقاط التالية:

1ـ تؤدي المقارنة بين مشروع الميثاق – الصيغة الأولى والثانية – ودستور 1973م إلى أنه  ما من إيجابية بالنظر الديموقراطي في المشروع إلا وقد سبق إليها الدستور من قبل. للتبيّن تراجع مواد الدستور مثلاً من المادة 17 حتى المادة 28 ، والبند د،هـ من المادة الأولى ، والمادة 101.

2ـ كما تؤدي المقارنة إلى تفاوت بينهما يتقدم بها الدستور على مشروع الميثاق، وإليك الأمثلة على مستوى المحتوى الإسلامي والديموقراطي بينهما.

أ ـ جاء في المشروع – الصيغة الثانية-:- (تكفل الدولة حرية العقيدة، وتكون حرية الضمير مطلقة، وتصون الدولة حرمة دور العبادة وتضمن حرية إقامة الشعائر الدينية وفق العادات السائدة في البلاد) وهذا هو نفس النص الذي اعتمدته الصيغة الأولى للمشروع، ويقابل هذا النص من مواد الدستور المادة 22 (حرية الضمير مطلقة، وتكفل الدولة حرمة دور العبادة وحرمة القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقا للعادات المرعية في البلد) وتتقدم الصيغة الدستورية على صيغة المشروع بالتصريح بموضوع المواكب والاجتماعات الدينية، الشيء الذي أهمله المشروع، بينما من حقه جدّاً أن لا يهمل ولا يغيّر. نعم إفراد كلمة الدين في المشروع مكان جمعها في الدستور أكثر توفيقا لو كان ذلك مقصوداً.

 ب ـ جاء في المشروع – الصيغة الثانية: خامسا: نشاط المجتمع المدني من أجل استفادة المجتمع من كل الطاقات والأنشطة المدنية، تكفل الدولة حرية تكوين الجمعيات الأهلية والعلمية والثقافية والمهنية والنقابات على أسس وطنية ولأهداف مشروعة وبوسائل سلمية وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، ولا يجوز إجبار أحد على الانضمام إلى جمعية أو نقابة أو الاستمرار فيها) ويقابل ذلك من الدستور مادتان هما 27، 28، فالمادة 27 من الدستور (حرية تكوين الجمعيّات والنقابات على أسس وطنية ولأهداف مشروعة وبوسائل سلميّة مكفولة وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون. ولا يجوز إجبار أحد على الانضمام إلى جمعيّة أو نقابة أو الاستمرار فيها

(المادة 28 من الدستور) أ- للأفراد حق الاجتماع دون حاجة لأذن أو إخطار سابق، ولا يجوز لأحد من قوات الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة. ب- الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، وعلى أن تكون أغراض الاجتماع ووسائله سلمية ولا تنافي الآداب العامة.

وعليه يكون المشروع قد أهمل المادة 28 ببندها أ، ب وهي من الحقوق المدنية العامة والتي جاءت مع المادة 27 في سياق واحد في الدستور. وعنوان المجتمع المدني الذي استحدثه الميثاق لا يبرر هذا الإسقاط. ويلتفت إلى أن الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات في هذه المادة أعم من أن تكون دينية. وقد نُص على الاجتماعات الدينية في مادة مستقلة تقدم ذكرها مما تضمنه الدستور.

ج ـ جاء في المشروع – الصيغة الثانية-: (ثالثا: الشريعة الإسلامية والتشريع : «ديــن الدولة الإسلام، والشريعة الإسلاميـــة مصدر رئيســي للتشريع) وظاهر ذلك أن تمام ما يراد أن يكون معنوناً تحت عنوان الشريعة الإسلاميّة والتشريع قد استوفاه ما بين القوسين. أما ما جاء بهذا الصدد في الدستور:


المادة الأولى بندأ: (البحرين دولة عربية إسلاميّة…)

المادة الثانية : (دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع…).

المادة الخامسة البند ج: (الميراث حق مكفول تحكمه الشريعة الإسلاميّة)
هذا وقد جاء في المادة 104 بند [ج] من الدستور: (…كما لا يجوز اقتراح تعديل المادة الثانية منه)، وهي التي تقرر أن دين الدولة الإسلام، وأن الشريعة الإسلاميّة مصدر رئيسي للتشريع. وهو منع فيه حماية لموقع الشريعة، لا أنه للاحتراز من اقتراح تقويته، وذلك بالنظر إلى قدسية الشريعة وحرمتها في نظر المجتمع المسلم، وإذا اعتُذرَ بأن المادة [104] مكانها الأحكام العامة والختامية، فإن المواد الأخرى مكانها المناسب أن تكون تحت العنوان الذي استحدثه المشروع، ولا أقل من الإشارة إليها عند التعرض له.

3ـ لا زال غير واضح حتّى من خلال الصيغة المعدلة لمشروع الميثاق أن المجلس الانتخابي سيشارك المجلس المعين التصويت النهائي على القوانين والقرارات أو لا، وعلى التقدير الأول سيكون المجلس الانتخابي في حكم العدم كما هو واضح. وعلى كل تقدير فإن تعليل الحاجة إلى المجلس المعيّن بالحاجة إلى ذوي الخبرات عليه ملاحظة، إذ أن مجلس الشورى الحالي من الصعب أن يدَّعى بأنه أكثر خبرة من المجلس الوطني السابق، وأن الخبرات تتجمع فيه بفارق كبير بالنسبة لذلك المجلس، على رغم الفارق الزمني الملحوظ الذي تهيأ معه للوطن أن يكثر من بين أبنائه أصحاب الاختصاص في حقول مختلفة، وكم من خبرة واختصاص كفوئين خارج المجلس الآن مما تغنى به الساحة؟

ومعلوم أن الحكومة قد اختارت من بين أعضاء المجلس الوطني من عينته سفيراً أو وزيراً أو عضواً في مجلس الشورى. وكم من عضو هناك قد عينته هنا؟! على أن التعيين ليس شاهد الكفاءة الأكبر دائما كما يعلم، وعليه: إذا أراد مشروع الميثاق أن يُرضي المؤمن الملتزم بالإسلام أطروحة عامة للحياة، فعليه أن ينادي بتحكيم الكتاب والسنّة وهما قمة الحق والعدل، ومنهاج الصلاح والفلاح الذي لو عاشه النّاس لذاقوا من حلاوة عطاءاته ما يزهدهم في غيره من المناهج؛ ولكن النّاس أعداء ما جهلوا.

وإذا أراد مشروع الميثاق أن يواكب التوجهات الديموقراطية فعليه أن يتقدم مستوى في هذا المضمار على دستور سبقه بعشرات السنين، أو لا يقل عنه على أقل تقدير تفاهم لا تخاصم على أن عدم القناعة بالميثاق ينبغي أن لا يكون مدعاة لتداعي الأمور، فالجهد كل الجهد يجب أن ينصب على الخروج بالبلاد إلى فضاء التعايش الإيجابي السليم، وأن تكون أداة التصحيح هي الحوار المتقدم، مما يتطلب فتح الباب لحرية التعبير من جهة، والتزام حسن التعبير من الجهة الأخرى، وأن يكون هذا الحوار بِصِورِهِ غير المتشنجة سمة للمستقبل، ومقدمة للقرار لا مادة للاستهلاك وتمييع القضايا.

إن الإيمان بوضع معين داخل البيت أو المؤسسة أو الوطن شيء قد يحصل وقد لا يحصل، ولا سبيل لتحصيله عن طريق القوة، إلا أن الذي ينبغي تحاشيه هو أن ينهدم البيت أو المؤسسة أو الوطن على أهله، فلا بد وأن يطلب التعايش الإيجابي في إطار الوطن الواحد بما يحفظه سفينة للجميع، ويتطلب هذا الأمر بلا أدنى ريب قدراً من العدالة والمساواة والحرية الشريفة، والمراعاة لمنظومة القيم السماوية الرفيعة التي لو فرّط فيها أي مجتمع من مجتمعات الدنيا، ذاق مرَّ تفريطه فيها وعذابه بمقدار ما فرَّط، حتى يكون الانهيار الكامل إذا ما تف
احش التفريط واستدام.

ولما كان الميثاق يراد له أن يكون قاعدة ثابتة لمدى طويل لعلاقات إيجابية آمنة مستقرة، كان لابد أن يتجاوز حساسيات الحاضر، وينسجم مع طموحات المستقبل، ويستمسك بأكبر قدرٍ يمكنه من تلك المبادئ والركائز والقيم، حتى تكون المقدمة من جنس النتيجة المطلوبة له، فإنَّ طالب الشرق لا يغرِّب، وطالب الغرب لا يسعى بقدمٍ إلى شرق.

وبرغم ما للمواثيق والدساتير الراقية العادلة من أهمية، إلا أن لغة الواقع هي التي يفهمها النّاس. وهي أصدق قيلا في قلوبهم ووجداناتهم، حتى لا تنبني مواقفهم العملية إلا عليها، وهناك مجتمعات تنحصر حاجاتها أو تكاد بحسب رؤيتها للكون والحياة والإنسان في حاجات البدن وما يقرب منها. وبذا ينحصر تطلعها في هذه الحاجات وتستريح بالكامل لها، بينما توجد مجتمعات أخرى كما تتطلع إلى سد حاجات البدن، تتطلب إشباع حاجات الروح، وقد يؤلمها فقد المتطلب الثاني أكثر من فقد المتطلب الأول، ولا شك أن المجتمع البحريني وهو من أعرق
مجتمعات المسلمين، له جوعاته الروحية والقيميّة والأخلاقية الّتي لا يصح بأي حال من الأحوال أن تنسى وعلى أي صعيد. فلا يكون تكامل ولا استقامة للأمور حتى ينظر إلى كل من حاجات الروح وحاجات البدن، ويهتم باللّقمة والكرامة، ويحافظ على البيئة والهويّة، وينال كل من الصحة والخلق الرعاية والحماية.

وشعوبنا الإسلامية في الشريحة العظمى منها قد تصبر على ضنك في العيش ولا تصبر على خدش الكرامة، والنيل من شرف المقدَّسات، والمواثيق والدساتير لا تكون ناجحة ولا ثابتة ما لم تعرف طبيعة بيئتها، ولقد جاءت التسهيلات المعاشية الأخيرة بداية للغة عملية إيجابية فصيحة، لو استمرت وتجددت مفرداتها وتراكيبها لصدَّقها النّاس، واستراحوا إليها في مجال البدن، وهم يتطلعون إلى لغة موازية من طبيعة هذه اللغة في مجال الخُلُق والدين والحريات الشريفة، وأراهم يعجبون كيف لم يأت في هذا السياق إخلاء السجون من سجناء الخلاف السياسي، وكيف بقي المبعدون والممنوعون من العودة إلى الوطن بعيدين عن وطنهم، وكيف تتأخر عودتهم الشريفة العزيزة خلافا لمنطوق المادة 17 بند [جـ] من الدستور “يحظر إبعاد المواطن عن البحرين أو منعه من العودة إليها).

على أن طبيعة المرحلة الناسخة لمرحلة تعطيل الدستور وآثارها السلبية أوّل ما تتطلبه محو مثل هذين الأثرين المنافيين جدّاّ لمتطلبات المرحلة القادمة الّتي يُبَشّر بها، وما تقتضيه من انفتاح وتفاهم وبناء للجسور الموصلة إلى التلاحم العام الشامل بالمقدار الذي يسمح بالتحرك المرن السليم على خط الأهداف الوطنية المشتركة المنشودة.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين.


عيسى أحمد قاسم
 7
شوال 1421
مكتب سماحة العلامة الشيخ عيسى أحمد قاسم


أكتوبر 17, 2007

أوهام التميز: رؤية في متطلبات الحوار المثمر

Posted in من هنا وهناك, شؤون بحرانية في 11:58 ص بواسطة 3aneed

كتب: سيد كامل الهاشمي 14-6-2006

من سيئات التفكير الإنساني عند الكثير من الناس الشعور بالتمايز عن الغير، لأن هذا الشعور يجسد هوة وفجوة كبيرة تعيق التواصل بين الإنسان وأخيه الإنسان، ومن هنا كان دأب الإسلام -الذي إنما جاء كدين يستهدف توحيد وجمع الناس كلهم على كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة- على إزاحة وإلغاء هذا الشعور، منطلقاً في ذلك من مبدأ أساسي وأولي في غاية البساطة، وهو كون الناس كلهم خلق الله وعباده، وأن الله تعالى ربهم جميعاً مهما اختلفت أديانهم وأجناسهم وألوانهم وأعراقهم، وفي هذا الإطار جاءت تلك المحاولة القرآنية لبناء العلاقات الإنسانية ضمن توحيد البشر تحت عنوانهم الإنساني رغم الاعتراف بوجود التمايزات في اللون واللغة والجنس، فقال سبحانه وتعالى: ) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ( [الحجرات 13].

ويستعيد الرسول الأكرم (ص) في ما يحمله من رسالة إلى الناس التذكير بنفس هذا المبدأ، حينما يخاطب المسلمين بالقول: (أيها الناس، “إنما المؤمنون إخوة” ولا يحل لمؤمن مال أخيه إلا عن طيب نفس منه. ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد، فلا ترجعن كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي. ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد. أيها الناس، إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب “إن أكرمكم عند الله أتقاكم” وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى. ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم. قال: فليبلغ الشاهد الغائب) [تحف العقول، ابن شعبة الحراني، ص 34].

وفي السياق نفسه عمل الرسول الأكرم (ص) على تهميش نوازع الجاهلية التي كانت تحتدم في النفوس لحظة مجيئه إلى ذلك المجتمع الذي كان يوغل في التفاخر بالأنساب والأحساب، وهو الأمر الذي تشير إليه الكثير من مواقفه (ص)، فـ(عن جعفر بن محمد، عن آبائه في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام قال: يا على آفة الحسب الافتخار، ثم قال: يا علي إن الله قد اذهب بالإسلام نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها، ألا إن الناس من آدم، وآدم من تراب، وأكرمهم عند الله أتقاهم) [وسائل الشيعة (آل البيت)، العاملي ج 61، ص 43].

وفي ضوء هذه النظرة الإسلامية للإنسان التي ترفض أيّ تفضيل لإنسان على الآخر عبر تمايزات وهمية تفرّق بين الإنسان وأخيه الإنسان، مستحدثة شروخات اجتماعية عميقة في المجتمع البشري، فإن الإسلام حدّد دائرة الشراكة بين البشر ضمن مستويين هما:

أولاً: دائرة الشراكة العامة: وهي التي في ضوئها وتحتها يندرج كافة البشر، ولا يجوز بمقتضاها أن يستحقر إنسان إنساناً، أو أن يمايز بين ذاته وبين الآخرين، فكل الناس عبيد مخلوقون ومملوكون لرب واحد، لا إله لهم سواه، وإلى هذه الشراكة المبدئية أشار تعالى بقوله: ) وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ( [الإسراء 70].

فالإنسان إذن مكرم ومعزز بمقتضى ما يتوفر له من عقل أضحى بموجبه موجوداً حراً، ومسئولاً في الوقت نفسه، والحرية والمسئولية اللتان يتمتع بهما الإنسان دون بقية الحيوانات هما ما تضفيان عليه قيمة خاصة لأنهما تجعلان منه موجوداً متميزاً، قادراً على تحمل المسئولية وأدائها بحرية واختيار وتعقل، ولأجل ذلك تحمّلها منذ اللحظة الأولى التي عرضت عليه دون بقية الموجودات، وهو ما نلمح الإشارة إليه في قوله تعالى: ) إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ( [الأحزاب 72].

وهذا التميّز الذي يحظى به الإنسان من الطبيعي أن يقتضي تمايزاً ويستوجب تفضيلاً على بقية الموجودات التي لا تحظى بسمتي الحرية والمسئولية، وعدم التفضيل هنا خلاف مقتضى العدل الإلهي، فلأجل ذلك كان الإنسان مكرماً ومفضلاً على كثير من الخلق، وفي ضوء هذا التفضيل نفهم سبب التفضيل في الدائرة الثانية للشراكة الإنسانية، وهي:

ثانياً: دائرة الشراكة الخاصة: وهي التي تكون بين أهل الدين الواحد، فللإيمان حقوقه ومقتضياته، وللشراكة في العقيدة مستلزماتها، ولذا قال سبحانه: ) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ( [الحجرات 10]، وهذه الشراكة الخاصة والتي تستلزم حقوقاً خاصة بين المؤمنين والمسلمين من أصحاب العقيدة والدين الواحد، تثبت بمقتضى أن قبول التدين بدين الله الذي هو الإسلام، والذي هو اسم عام للتسليم والخضوع والانقياد لله عزّ وجلّ هو حق ثابت لله تعالى، وهو واجب إنساني لا يصح التخلي عنه أو الانتقاص منه، فمن أجل ذلك يستحق من يلتزم بهذا الحق الذي هو على طبق مقتضى العدل التفضيل والتميّز عن غيره، ممن يتنكر لهذا الحق ولا يلتزم بمقتضياته ومتطلباته، ولأن ذلك مقتضى العدل قال تعالى: ) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ w مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ( [القلم 35-36]، وقال: ) أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ( [السجدة 18].

إذن هذا التمييز أو التفضيل بين المؤمن بالدين الحق والكافر به هو تفضيل على مقتضى العدل، كتفضيل الإنسان على سائر الحيوانات لما يتمتع به من عقل وإرادة وحرية.

نعم .. هاتان الدائرتان من الشراكة لا فرق بينهما على مستوى استحقاق العدل، وهو ما عناه الإمام علي (ع) في قوله لمالك الأشتر: (وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم. ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق).

فقد أراد الإمام (ع) أن يوجه مالكاً بعد أن ولاّه مسئولية الحكم والإدارة على مصر إلى أهمية أن يكون العدل والإنصاف ميزانه الأول في التعامل مع مواطنيه، سواء كانوا من أهل دينه الذي هو عليه، أم كانوا من أهل الديانات الأخرى، فإن حقوق المواطنة تفرض عليه مراعاتهم والقيام بشؤونهم ومتطلباتهم على حدّ سواء مع غيرهم، ولا شك أن تزوّد الحاكم وصاحب السلطة السياسية بهذا الفهم يفتح أمامه الباب لرفض أيّة محاولة تمييز بين مواطني دولته ومملكته على أساس قبلي أو عائلي أو حتى ديني، لأننا نتحدث عن وظيفة الحاكم في ما يرتبط بتحقيق العدل والعمل به، وهي وظيفة لا يفرق في القيام بها على أيّ أساس أو وضع، ومن هنا أمرنا الباري تعالى بالتزام القسط والعدل حتى مع الأعداء ومن لا نحبهم ولا نتفق معهم في عقيدة ورأي، فقال سبحانه: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ( [المائدة 8].

ولأن الإسلام أراد أن يؤصل الإحساس بوحدة الإنسان فقد نهى عن إبداء التمايز في ما يريد الإنسان أن يقيمه من علاقة ورابطة بينه وبين الآخر، حتى لو كان هذا الآخر على ضلال أو خطأ في نظره، وهو ما نفهمه من قول الله تعالى: ) قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ( [سبأ 24].

فمن خلال هذا المنهج القرآني الذي يفترض أن الحقيقة يمكن أن تتواجد في موقف الخصم بالمستوى الذي يمكن أن تتواجد في موقف الإنسان نفسه، يستهدف القرآن المجيد بناء قاعدة مشتركة للحوار والتواصل المثمر، ولا يمكن أن تتأسس هذه القاعدة التي ينطلق منها الحوار بين الأطراف المختلفة في ظل زعم كل طرف من أطراف المواجهة والحوار أنه على حق، وأن الآخر على باطل، لأن الحوار والتفاوض لا يمكن أن يتمّ حول أمور محسومة لا تقبل الأخذ والرد، وهذه إشارة رائعة في دراسة فن التواصل والإقناع والحوار، كما أنها منهج متحضر للغاية في فهم ضرورات إدارة الحوار وعوامل إنتاجه، وفي هذا السياق يمكننا النظر إلى هذا المبدأ القرآني الذي أراد من الإنسان أن يفتتح الحوار بينه وبين الآخر عبر إلغائه الشعور بالتمايز عنه بوصفه ركنا أساسياً في الممارسة العملية الواعية والهادفة، والتي تعترف بأن من أهم وأول متطلبات التفاوض والتحاور هو التكافؤ في المواقع، فالحوار والتفاوض في أيّ أمر لا يمكن أن ينجح عبر التفاوض من موقعين غير متكافئين، وهو الأمر الذي تفصح عنه “فيلس بيك كريتك” في كتابها عن “التفاوض من موقعين غير متكافئين” حينما تقول في ص 69: (تواجه المفاوض لحل نزاع ما تحدّيات، أهمها تهيئة طاولة المفاوضات، ثم ضمان توازن وتكافؤ هذه الطاولة. والهدف من هذه العملية التمهيدية هو زيادة إمكانات النجاح أمام المهمة الحقيقة لحل النزاع وهي عملية المفاوضات)، وتضيف قائلة في ص 70: (علينا أن نحاول ضمان التوازن والعدل في المفاوضات التي تهدف إلى التوصل إلى تسوية في قضية ما. وإن عدم توازن الطاولة مؤشر على إخفاق تحقيق هذا الهدف).

وهذا الفهم للدور السلبي للشعور بالتمايز عن الغير وكونه معيقاً لعملية التواصل والحوار بين الإنسان وأخيه الإنسان يعمد بعض السلف الصالح لوضع معالجات عملية له في المجال النفسي والشعوري، باعتباره المجال الذي يتعزز ويتجذر فيه هذا الشعور البغيض، فيقول الإمام علي بن الحسين السجاد (ع) لأحد أصحابه في بعض وصاياه: (وإن عرض لك إبليس لعنه الله أن لك فضلا على أحد من أهل القبلة فانظر إن كان أكبر منك فقل قد سبقني بالإيمان والعمل الصالح فهو خير مني، وإن كان أصغر منك فقل قد سبقته بالمعاصي والذنوب فهو خير مني، وإن كان تربك فقل أنا على يقين من ذنبي وفي شك من أمره، فمالي أدع يقيني لشكي) [المجلسي، بحار الأنوارج71، ص157].

إن واقع الحراك الحواري بيننا نحن البشر لا يمكن أن يتعزز أبداً في ظل تفاقم شعور كل منا بتمايزه عن الآخر، بل كلّما تأصل وتعمق هذا الشعور في عقولنا ونفوسنا اتجهنا أكثر فأكثر للتقاطع والتباغض، ومن ثمّ للتحارب والتقاتل، وما نفتقده اليوم من أجل بناء حوار جدي بين الأفراد بعضهم البعض، وبين الجماعات والأفراد، وبين الأفراد أو الجماعات والحكومات، وبين الحكومات مع بعضها البعض، وبين الحضارات والثقافات، هو أن هذه المظاهر الحوارية التي تنطلق الدعوة إليها من أكثر من موقع داخلي وخارجي، ترفض أن تستند إلى قاعدة مشتركة يقف عليها المتحاورون بشكل متساو مهما اختلفت انتماءاتهم وتوجهاتهم ، مما يحوّل هذه الحوارات إلى مشاريع فاشلة تنتهي إلى القطيعة والحرب، أو أنها تستمر متسترة بالنفاق الذي يفرض على الضعيف مسايرة القوي، من دون أن يمتلك الحرية في رفض ما تمليه عليه إرادة القوي.

سيد كامل الهاشمي

14/6/2004

أكتوبر 8, 2007

أي طريق يسلكه سلمان وصحبه؟ – صحيفة الوسط

Posted in من هنا وهناك, شؤون بحرانية في 1:55 م بواسطة 3aneed

«الوفاق» على مفترق وعر… ترضي السلطة أم الشارع أم «العلمائي»؟

 

قاب قوسين أو أدنى يفصلنا عن افتتاح دور الانعقاد الثاني للبرلمان، ويبدو أن ذلك المدخر من انتفاضة التسعينات، الشاب ذو النبرات الهادئة، لم يعد قادراً على تحمّل الضغوط الشعبية المتزايدة يوماً بعد آخر على أداء كتلة الوفاق المكونة من 17 نائباً متعددي الأهواء والأمزجة والمواقف بل والغايات أيضاً.

 

على رغم التحفّظات التي يثيرها البعض على أمين عام «الوفاق» الشيخ علي سلمان الذي كشف لـ «الوسط» عن نيته الانسحاب من المجلس، إلا أنه مازال الوجه الوحيد القادر على أن يجمع خيوط «الوفاق» المتبعثرة، بوصفه همزة الوصل الأولى بين المجلس الإسلامي العلمائي الذي يتزعمه الشيخ عيسى قاسم بحكم ثقة الأخير فيه، لأنه لا يجد حرجاً من التعبير علناً أنه سيف في يد أبي سامي (الاسم الذي يكنّى به رئيس المجلس العلمائي في أوساط التيار الإسلامي الشيعي)، ولا من أحد سواه قادر على أن ينال هذه الثقة من قلب مرشد هذا التيار.

 

وفعلاً، كان للمجلس العلمائي ما أراد، فقد خرجت الجماهير في صبيحة يوم ممطر، قارص البرودة في منظر فريد من نوعه، خرجوا ليضعوا «نعم» للكتلة التي زكيت لهم، وخرج الفقراء من بيوتهم على أمل تغيير ولو جزء بسيط من ذلك الواقع، بعد أن دغدغتهم الخيام الانتخابية الوفاقية ببرنامج طويل عريض، وكانت النتيجة فوزاً وفاقياً كاسحاً، ولا أحد سواهم اقتنص شيئاً من كعكعة اللعبة في كل الدوائر التي نزلوا فيها.

 

ثمة سؤال جوهري يطرح بقوة الآن وأكثر من أي وقتٍ مضى، هل كتلة الوفاق الحالية هي الوريث الشرعي لـ «وفاق» 2002؟ وهل هذه الكتلة تعبّر عن الزخم الكبير الذي تحيطه الشعبية بهذه الجمعية في حين تبدي في أكثر من موقف – في نظر الشارع – أن هذه الكتلة ليست متجانسة، ولا ينتظر منها تحقيق تغيير جوهري؟

 

«الوفاق» تعيش أمام مفترق طرق حقيقي

 

منذ معبر المشاركة في المجلس النيابي في 2006، والشيخ علي سلمان أصبح مطالباً بأن يمسك العصا في نقطة الوسط بين تيارات وأمواج تلاطم بالكيان الذي ورث عقد التسعينات، فسلمان عليه أن يوازن بين طرفي نقيض وتضادات كبيرة، فمن جانب يعد سلمان الوجه الأكثر تأهيلاً لتحقيق تطلعات المجلس العلمائي ورئيسه، ومن جانب آخر عليه أن يقلل من الشروخات الداخلية المتعاقبة على «الوفاق» منذ حركة الاستقالات في بعض القيادات والكوادر الذين أسسوا جناحاً متشدداً أطلقوا عليه «حق»، وهو الذي استطاع أن يسحب شطراً من البساط الجماهيري، ومن جانب ثالث عليه أن يعمل جاهداً على بناء جسور تواصلية مباشرة مع القيادة السياسية والحكومة.

«
الكتلة الإيمانية» و«العلمائي»… علاقة غامضة

 

المجلس الإسلامي العلمائي الذي نادى الأمة إلى اختيار «الكتلة الإيمانية» في أكثر من محطة، وأبرزها بيانه الشهير قبيل الانتخابات يجد نفسه في أحيان كثيرة يخرج عن صمته، وينقد «الوفاق» من أي حرج أمام السلطة أو الشارع، ولكن على رغم ذلك فكثيرون من المقربين للتيار يؤكدون أن العلاقة بين المجلس العلمائي و «الوفاق» ليست واضحة المعالم، فهل المجلس هو الأم الحنون لـ «الوفاق»، والمعني بتحديد خياراتها السياسية كبيرة وصغيرة، وبالتالي ماذا تبقى لـ «الوفاق» أن تقوم به من دور غير ترديد رجع الصدى لما يراه المجلس العلمائي، وهذا يفقد «الوفاق» فاعلية التحرك بحرية ومرونة في بناء تحالفات جديدة أو حتى استمرار تحالفاتها السابقة مع القوى الأخرى في الساحة، ومن أبرزها التيارات اليسارية.

 

وعلى رغم أن الشيخ عيسى قاسم هو من صدح في محرابه بالدراز بالشعار الشهير «تسقط العلمانية… والنصر للإسلام»، وكررها مراراً وتكراراً، إلا أن دور الشيخ علي سلمان يأتي مكمّلاً، ليبن لشركائه الرئيسين أن هتافات قاسم لن تترك أثراً على التنسيق بين مكونات الحركة السياسية المعارضة، وليذكرهم أن المسألة غمار فكري محض ليس إلا.

 

وليس مستغرباً أن يجاري المجلس العلمائي الشارع في نقده لـ «الوفاق» وهو ما ظهر بوضوح من على شفتي نائب رئيس المجلس العلمائي السيدعبدالله الغريفي الذي أعلن امتعاضه من أداء النواب، وطالبهم بالجدية في تصحيح الأوضاع العامة!

 

هل الكتلة هي خيار الناس؟

يسود اعتقاد واسع في أوساط التيار الإسلامي الشيعي أن بعض أعضاء هذه الكتلة لم يكونوا خيار الناس المفضلين لولا نجدة المجلس العلمائي وتحشيده للمشاركة، كما أن كل الأسماء التي أسقطها «شورى الوفاق» عادت بقدرة قادر إلى الكتلة.

 

ويرى هؤلاء أن ترجيح بعض أعضاء الأسماء كانت لقربها من رئيس «الوفاق»، كما تعاني الكتلة من مركزية شديدة في القرار، وتكتم في بعض قنوات الاتصالات المهمة مع جهات نافذة في السلطة، ومثال على ذلك اللقاء الذي جمع أخيراً الشيخ علي سلمان مع وزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة قبل أيام الذي أحيط بهالة من التكتم.

 

تهميش «شورى الوفاق»

غير واحد من أعضاء «شورى الوفاق» صرّح بأن دور المجلس أصبح شكلياً ومجمّداً، وكأنه أريد له أن يكون معبراً لمن يود أن يظفر بمقعد برلماني أو بلدي، وظل المجلس معطلاً، وعديم التأثير على قرارات «الوفاق» الرئيسية، ومنها محطة مقاطعة الجلسة الافتتاحية للمجلس التي خسرت فيها «الوفاق» منصب النائب الأول للمجلس، وهو ما أثار حفيظة أعضاء بارزين في المجلس من بينهم الرئيس السابق لمجلس بلدي العاصمة مرتضى بدر ورجل الأعمال أحمد التحو. ويؤكد الكثيرون من كوادر الجمعية أن «شورى الوفاق» لا وزن له في المعادلة، ولا صوت له حين يصنع القرار، ما حدا بعدد من أعضاء المجلس لتقديم استقالاتهم تباعاً، في حين تهرب الكثيرون عن حضور جلسات «الشورى» المتقطعة، وطالب آخرون بتعديل القانون الأساسي لـ «الوفاق» لفكّ التداخل في الصلاحيات، وخصوصاً أن «الشورى» ليست لديه يد على الكتلة فضلاًُ عن محاسبتها.

 

تناقض التصريحات الإعلامية

منذ اليوم الأول لدخول «الوفاق» إلى المجلس، رصد الشارع الوفاقي ما رآه أخطاء في تعامل أعضاء كتلة الوفاق مع وسائل الإعلام المختلفة، بل إن هؤلاء يرون أن التصريحات الخاطئة سبقت عمل المجلس أيضاً، ويعد كثير من هؤلاء تصريح الشيخ علي سلمان في برنامج «6/6» الذي يذيعه تلفزيون الكويت من أن «الوفاق» ستتمكن من إخراج بعض الوزراء من التشكيلة الحكومية لما تسميه «ذوي الصلة بالتقرير المثير» في أسبوع غير واقعيّ، إلا أن المفاجأة أن عاماً كاملاً قد مرّ على تصريح سلمان، والوزير المعني مازال في مكانه.

 

المأخذ الآخر الذي أخذ على أعضاء «الوفاق» في تصريحاتهم الإعلامية، ما طالب به النائب الوفاقي جاسم حسين من تلويح بتشكيل لجنة تحقيق في موضوع سيارات النواب، وتلا ذلك تصريحات متناقضة بشأن الموقف من بعض القضايا، وهو ما استدعى تدخلاً من رئيس «الوفاق» لـ «إنذاره شفهياً».

 

ومن ضمن مسلسل الأخطاء كما يراها الوفاقيون أنفسهم، تصريح رئيس لجنة المرافق العامة والنائب الوفاقي المخضرم جواد فيروز الذي طالب المواطنين بالتوجه إلى السكن العمودي «شقق التمليك»، وأثار هذا التصريح زوبعة كبيرة في الشارع اضطرّ بعدها نائب رئيس الكتلة خليل المرزوق لإظهار موقف مناقض تماماً، حينما قال في ندوة جماهيرية في المنامة: «سنرفض العيش في أقفاص، ولن نقبل السكن العمودي، لأننا لسنا أقل شأناً من الآخرين»!

 

تراجع التحالفات السياسية

لم يكن شعار «فلتسقط العلمانية» سوى صبّ الزيت على نار كانت تحت الرّماد، منذ أن اتّهمت «الوفاق» من حلفائها فيما كان يعرف حينها بالتحالف الرباعي بالاستحواذ على المقاعد النيابية، ولم يشفع لـ «الوفاق» دعمها المطلق لعدد من رموز هذا التيار، فالحلفاء طالما أعلنوا معارضتهم لمبدأ كتلة اللون الواحد، لكن «الوفاق» اعتذرت ورمت هذا الأمر إلى التوازنات الصعبة على الأرض، وليس بخفي أن مستقبل تحالفات «الوفاق» مع حلفائها القدامى مازال يكتنفها الغموض، وحتى الصوت الليبرالي الوحيد الذي تحالفت معه «الوفاق» شهدت العلاقة معه بعض الاختلاف في الأولويات والأجندة.

 

العلاقة مع الشارع

لم تستطع كتلة الوفاق إقناع الشارع بأدائها، فبعد عام من المشاركة لم يتحقق إنجاز ملموس في أيدي الناس، ولم يتلمس الناس أثراً لبرنامج كتلة الوفاق، سواء على الصعيد التشريعي أو المعيشي، ولا تستطيع « الوفاق» إلا أن تقدم الأعذار بعدم تعاون «السلطة» معها، وهذا أدى إلى غضب القواعد الشعبية الوفاقية على نوابهم الذين حازوا أعلى نسبة أصوات في دوائر البحرين، وانتخبوا بـ 63 في المئة من الكتلة الانتخابية في المملكة.

 

محطة الـ 1 ٪

ليس خفياً أيضاً، تناقض «الوفاقيين» في مسألة استقطاع الـ 1 في المئة من رواتب المواطنين لصالح صندوق خاص للتعطل الذي صوتت عليه «الوفاق»، ففي حين أثنى أمين عام «الوفاق» على القانون وباركه، وخصوصاً في ندوة سترة، وقال: «لو طرح القانون مرة أخرى لمررناه»، فإن عضو كتلة الوفاق السيدمكي الوداعي قال: «إن (الوفاق) أحرزت رضا الناس بـ (الفحوى)، في حين اعتبره النائب محمد جميل الجمري «انتكاسة يجب المبادرة إلى تصحيحها، وبرز تعارض قاطع في الرأي من الاستقطاع بين المجلس العلمائي و»الوفاق»!

 

لا بأس بالتوزير

 

على رغم أنها قابلت تعيين الاقتصادي والعضو الإداري السابق بـ «الوفاق» نزار البحارنة وزيراً للدولة للشئون الخارجية ببرود شديد، لأن توزيره لم يمر عبر قناتها، فإن «الوفاق» لم تخفِ رغبتها في توزير كوادرها في الحكومة، وقال رئيس «الوفاق» إن هذه الخطوة ستفضي إلى «فهم أفضل» للدور النيابي من جانب الحكومة، ولكن «الوفاق» ليست لديها رؤية واضحة لما بعد هذه الخطوة.

 

لا غرو أن يكون الشيخ علي سلمان سيفاً في يد رئيس المجلس العلمائي الذي أوصل «الوفاق» إلى بر الأمان في الانتخابات ووقاها شرّ المتنافسين، لكن هل سيكون هو ورقة التوت الأخيرة في كتلة الوفاق؟

 

والآن يحق للتيار العريض الذي انتخبها أن يسألها: يا ترى إلى أين تسير «الكتلة الإيمانية»، وهل تعرف بوصلتها بشكل صحيح، أم أن «الوفاق» ستضيع وسط هذه الأمواج العاتية، وهل ستعيد النظر في أدائها… وهل سيشمّر المجلس العلمائي عن ساعديه لينقذ «الوفاق» ثانية… من يدري؟ وهل سيقول بعض نواب «الوفاق» لرئيسهم «اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون»؟ ولكنه بلا ريب سؤال سنعرف الإجابة عنه في الأيام المقبلة!

ماذا فعلت لنا المشاركة ؟… لا شيء – عادل مرزوق

Posted in من هنا وهناك, شؤون بحرانية في 1:37 م بواسطة 3aneed

رسالة إلى فوزي جوليد


«لا تستطيع الدولة أن تقدم شيئاً لجمهور المعارضة ما بقت المعارضة خارج المجلس النيابي»، «شاركوا وستحصلون على كل شيء». «هناك آفاق متوافرة للإصلاح، ولكن المعارضة لم تشارك في الطريق»، «كيف تريد للدولة أن تتعاون مع المعارضة، وهي تقاطعها». «أدخل الملعب لتلعب ولو بنصف الفريق، ومن دون جمهور، ومن دون كرة، ومن دون حكم، وبكسور في العظام، الإنسحاب لا يفيدك في شيء» كان الصديق فوزي جوليد يقول ذلك، وأكثر.

كان رمضان يجمعنا في أحد مقاهي المنامة، إذ عودنا الزميل في صحيفة «الأيام» علي مجيد إحضار شخصية عامة كل أسبوع، لنتسامر معها بشأن كل شيء في حديث ليس للنشر. وما أكتبه الآن، لا علاقة له بالأشياء التي قيلت ولم تكن للنشر.ارتكز خطاب ممثل «ndi» في البحرين فوزي جوليد على المقولات الواردة أعلاه، فلا انفك هو عنها، وما أنفكت هي عن الإلتصاق به. وهو ما كان يدعوني لأن أصف فوزي دائماً بـ «فوزي مشاركة».

كنا – في الغالبية المطلقة من الحضورمختلفين مع فوزي تماماً، لكن ذلك لم يمنعنا من التصالح معه، ومن تناول الموضوع بالبحث والدرس والتمحيص إلا أن شيئاً لم يتغير من قناعاتنا كافة، بقي فوزي يبشر بالمشاركة، وبقينا على موقفنا المتحفظ.الذي أريد أن أسأل صديقي فوزي عنه، هو تساؤل عن مدى إيمانه اليوم بمقولاته الكبرى التي بح صوته في الدفاع عنها وترويجها بين الصحافيين والسياسيين وقادة الرأي العام في البحرين.

لقد بذل فوزي جوليد من الجهود الكثير، بل ذهب برجليه في إحدى المرات إلى عرين الأسد، وأثمرت جهوده وجهود دعاة المشاركة في تحويل بوصلة الجمعيات المعارضة نحو خيار المشاركة. الأكثر من ذلك، أن المعارضة نفسها تصارعت على المشاركة. وحصلت على مقاعد أكثر مما كانت تتوقع.

لكن شيئاً مما كان يقوله فوزي عن فرضيات أن تتغير الأمور لم يحدث. الدولة هي كل شيء، الدولة حين تزيد الرواتب فهي من تقرر أن تزيد، وحين تقرر الدولة أن تحارب الفساد فهي من يقرر أن تحارب. واقع الحال أن لا فاعلية جديدة قد أتتنا من المجلس النيابي بشكله الجديد، الذي أصبح اكثر وضوحاً، هو الصراع الطائفي فيه، والدولة أيضاً، مسئولة عن ذلك.

صديقي فوزي،

الإصلاح والديمقراطية لا يأتيان أبداً حين تتمترس الدول بدواعي الخصوصية الثقافية والحضارية، وهما لا يأتيان أيضاً، بأنظمة تتذرع بضرورة التدرج في الإصلاح، ذلك التدرج الذي لا ولم يوجد نظام ما أتم تدرجه الذي يدعيه.

يا صديقي فوزي، لعلك لم تتغير في مواقفك، وقد تذهب إلى الإستمرار في إيماناتك التي أحترمها. لكن، ثق بأني أراهنك أن لا شيء سيتغير؟، وحين تعود عاملاً أو زائراً فسأتكفل بمصاريف المقهى

 

www.alwasatnews.com/newspager_pages/ViewDetails.aspx?news_id=80189&news_type=010&writer_code=w23

http://adelmarzooq.blog.com/

حسن نصر الله لا يرى – طلال سلمان

Posted in Lebanon, من هنا وهناك في 12:22 م بواسطة 3aneed

«عدواً» إلا إسرائيل لكم هو ساذج وبسيط السيد حسن نصر الله

فجأة، تسقط الهالة التي تتوّج رأس هذا «القائد المجاهد» لينكشف كم هو غريب عن «اللعبة السياسية في لبنان»، التي لها أربابها وأساطينها من المحترفين الدهاقنة: إنه صريح، مباشر، لا يعرف أصول اللعبة، فلا يداهن ولا يكذب، ولا يزوّر الوقائع، ولا يعلن غير ما يبطن، لذلك فإن تصيّده أمر في غاية السهولة..
..
ولأن إسرائيل هي «العدو» الوطني والقومي للبنان، بالنسبة للسيد حسن نصر الله، فهي ـ بالبديهة ـ مصدر كل أذى وكل شر يصيبه، كدولة، كشعب، سواء في عمرانه واقتصاده، أو في تخريب العلاقات بين أهله بتقسيمهم بين «معادين» و«محايدين» أو خصوم لخصومهم بما يقرّبهم من خانة الحلفاء!
ولأن إسرائيل هي العدو المؤهل والقادر على إلحاق الأذى بلبنان واللبنانيين، تستوي في ذلك الاغتيالات الفردية (وقد طالت مجاهدين من رفاقه قبل أن تطال غيرهم ممن يظلون من أهله ويظل حريصاً عليهم، وعلى عوائلهم ومن يمثلون، حتى لو خالفوه في الرأي وفي التوجه السياسي) أو الحرب الإسرائيلية الشاملة على لبنان بإنسانه وعمرانه..
ولأن إسرائيل هي العدو فمن الطبيعي أن تكون ضد الاستقرار في لبنان، وأن تعمل ما وسعها الجهد لتخريب التوافق الوطني وزعزعة الوحدة الوطنية، بالدسائس والمؤامرات والاغتيالات… أو حتى الحرب، إذا استدعى الأمر أن تحقق بالحرب الشقاق الداخلي الذي يأتيها بالأرباح ذاتها!
أما وأن السيد حسن نصر الله ساذج وبسيط، فهو يفترض أن الرد الفعلي على الحرب الإسرائيلية، سياسية كانت أم عسكرية، إنما يكون بتدعيم الوحدة الوطنية، وبترسيخ التوافق الوطني في لحظة فاصلة كالتي يعيشها لبنان عشية الانتخابات الرئاسية، التي تحين بينما أهله مختلفون إلى حد الافتراق والتقاطع والخصومة القابلة للتحوّل إلى فتنة..
لقد رفضت الموالاة، على امتداد عام طويل، كل العروض والمبادرات التي هدفت إلى إنجاز تسوية منطقية وطبيعية جداً لانسجامها مع ثوابت الحياة السياسية اللبنانية: رفضت إعادة صياغة الحكومة بما يعيد إليها التوازن المفقود.. وفرضت على البلاد شهوراً من المماحكات حول «الوزير الملك» و19 + 11 أو 19 + 10 + ,1 ثم حول وزارة الوحدة الوطنية 17 + 13 (بعد إقرار المحكمة الدولية) كمدخل للتوافق على الرئيس بل العهد الجديد بمؤسساته جميعاً.
ثم إن الموالاة هوّلت بانتخاب «الرئيس الوفاقي» العتيد بالنصف زائداً واحداً، كونها لا تملك أكثرية الثلثينمما يعني أن يسقط الدستور شهيد اغتيال أخطر من كل ما سبقه من اغتيالات، لأن الجريمة موصوفة، تقع جهاراً نهاراً، وأمام عيون العالم أجمع، ومرتكبها يتباهى بفعلته مؤكداً أنه إنما ينصر الديموقراطية ويحقق السيادة والاستقلال!
ولأن السيد حسن نصر الله ساذج وبسيط ولا يتقن فنون المناورات والخداع الحربي إلا في مواجهة العدو الإسرائيلي، فهو قد عاد يلح على «الرئيس بالتوافق»، فإذا استحال تحقيق هذا الهدف الطبيعي، فلا بد من الذهاب إلى الحد الأقصى: أي الاستفتاء الشعبي.
لقد افترض أنه يقدم حلاً بديلاً كمخرج من الأزمة الخانقة التي يتسبّب فيها تعنت الموالاة، المتهمة بأنها تستعين بالخارج على الداخل، وبأنها تنفخ صدرها بأخطاء المرحلة السورية التي كان معظم قادتها اليوم من كبار المنظرين لدوامها، بالأمس، وهو أقل ما تفرضه إفادتهم من مغانمها..
والسيد حسن نصر الله الساذج والبسيط مسكون بهاجس العدو الإسرائيلي وحربه المفتوحة على لبنان (وعلى فلسطين، «بحكومتيها»، وعلى سوريا، بل وعلى أي جهد مقاوم أو مناصر للمقاومة أو حتى الصمود) فإنه يرى شبح إسرائيل وراء كل ما يسيء إلى لبنان ويهدد استقراره، خصوصاً، أو ما يؤذي العرب في حاضرهم كما في مستقبلهم.
وبديهي أن يرى لإسرائيل مصلحة في اهتزاز الاستقرار أو حتى في نسفه، وبالتالي فماذا يمنع من أن تكون وراء بعض الاغتيالات السياسية، لتخريب الجهود المبذولة من أجل التوافق وتجاوز الخصومات والقطيعة بالتفاهم على العهد الجديد بعنوان رئيسه؟
 
السيد حسن نصر الله بسيط وساذج. إنه لم يدرك بعد أنه قد ارتكب «الخطيئة المميتة»، وأن الحكم «بعزله» قد صدر، وأن الاستمرار في محاصرته سياسياً هو المدخل الطبيعي للسيطرة على «العهد الجديد»…
والقرار بفرض «الحصار» و«العزل» وبالتالي تعطيل الوفاق عبر المشاركة في تثبيت العهد الجديد، برنامج حكم وشخص الرئيس وصيغة الحكومة، هو قرار دولي، بمشاركة عربية معلنة..
فطالما لم يمكن، ولا يمكن في المدى المنظور تجريد المقاومة من مشروعيتها الوطنية ومن
تراثها الجهادي، فلا أقل من فرض الحرم على مشاركتها السياسية، ليس فقط في السلطة القائمة، بل في السلطة المقبلة أساساً..
ولا بد من إظهار قائد المقاومة وكأنه غريب عن «تقاليد الحياة السياسية»، بل غريب على السياسة في لبنان، وطارئ عليها، وإذا أمكن دمغه بطابع أنه «هجين» أو «مهجّن» فلا بأس!
حتى الاعتصام السلمي الذي أراده هذا الساذج ومن معه، تعبيراً عن الاعتراض وإصراراً على الوفاق، أمكن للسلطة ومن معها أن تصوّره «أخذاً للبلد كرهينة، وتعطيلاً لمصالح الناس، وسبباً في الأزمة الاقتصادية التي تداني إعلان الإفلاس العام»!
الاعتصام في ألف متر مربع، مقابل سرايا الحكومة، كمظهر حضاري للاحتجاج، والتذكير بمشكلة سياسية حادة، كادت تفجّر البلاد بأهلها، بات هو العنوان الفاضح للإخلال بكل أسس التوازن الوطني والوفاق وإرادة العيش المشترك واتفاق الطائف… وصولاً إلى ركائز الدولة ومقوماتها!
صار الاعتصام السلمي، الذي يرمز إلى وجود مشكلة سياسية جدية تهدد النظام والوحدة، تهديداً للشراكة والوحدة والنظام.
صار الابتعاد عن أي مظهر مسلح، والحرص على السلم الأهلي، وتحمّل الاستبعاد والنفي والتشهير بالمجاهدين الذين قدموا دماءهم فداء لحرية لبنان واستقلاله، في مواجهة الحرب الإسرائيلية، تخريباً للسلم الأهلي وتهديداً للكيان وأهله..
صار السيد حسن نصر الله، الإنسان الوحيد الذي لا يرى الشمس، بينما تحوم «الأم. كا.» الإسرائيلية فوق الأماكن المحتمل وجوده فيها ليلاً نهاراً، هو مصدر الخطر على السلم الأهلي في لبنان..
صحيح «إنها مواقف وممارسات تتجاهل الأخوة وتتجاهل الشراكة، وتتعمّد التعطيل والإضرار بحياة الناس وبكراماتهم، وتتعمّد زرع الانقسام.. كيف نكون أهل دين ووطن وأمة، ثم لا يحزن أحدنا لحزن أخيه ولا يتألم لمصابه ولا يتضامن معه ويمعن في التعمية!».
الكلام للرئيس فؤاد السنيورة، وحتى لا يذهب الظن بعيداً فنفترض أنه قاله في معرض التضامن مع «المحاصَر الوحيد» بالطائرات وأجهزة التجسس والتنصت وعملاء المخابرات الإسرائيلية، فإن دولته قد قاله في معرض الرد على كلمة الساذج البسيط السيد حسن نصر الله، في يوم القدس، مساء يوم الجمعة الماضي..
ويمكن أن نستعير من كلمة الرئيس السنيورة، وهي مكتوبة، الختام العابق بالشجن: «ولئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك. إني أخاف الله رب العالمين».
فالإيمان، كما نعرف، هو السلاح الأفعل والأمضى للسذج والبسطاء من الناس كالسيد حسن نصر الله

http://www.wa3ad.org/index.php?show=news&action=article&id=13043

 

 

أكتوبر 5, 2007

الوفاق الوطني – طلال سلمان

Posted in Lebanon, من هنا وهناك في 11:54 ص بواسطة 3aneed

في لبنان وليس في البيـت الأبيـض لا يمكن الحديث عن مصادفة في التوقيت الذي اختاره الرئيس الأميركي جورج بوش لاستقبال «زعيم الغالبية النيابية» سعد الحريري في المكتب البيضاوي، كتتويج لسلسلة من اللقاءات تشمل نائب الرئيس ديك تشيني ووزيرة الخارجية كوندليسا رايس وزعماء الكونغرس، جمهوريين ومحافظين، إضافة إلى الأبرز من قادة «المحافظين الجدد»، داخل الإدارة وخارجها.

لقد طلب رئيس «تيار المستقبل» هذا الموعد الاستثنائي في خطورته قبل شهرين… لكن الرئيس الأميركي اختار له هذا التوقيت بالذات، لأسباب تتصل بالمصالح التي تملي على إدارته سياستها في المنطقة عموماً، ولبنان منها… وهي سياسة ناجحة بكل المعايير ومكتوبة بالدم العراقي القاني!
(
أما الدم الفلسطيني فمدخر لكتابة المقررات التي ستكون للمؤتمر الدولي الذي تحاول واشنطن أن «تبيعه» للعرب، في حين تشير مقدماته إلى أنه «صنع من أجل إسرائيل»، وإلى أنه قد يكون الفصل الأسوأ والأمرّ في تاريخ نضال الشعب الفلسطيني من أجل الحد الأدنى من الأدنى من حقوقه في أرضه أو ما تبقى مما «سيُعطى» له منها!)..
واستناداً إلى اللقاءات المتكررة التي كان سعى إليها سعد الحريري مع الرئيس نبيه بري، نهاراً وليلاً، وكذلك إلى التصريحات والخطب الرمضانية الأخيرة، فلقد كان اللبنانيون قد استبشروا خيراً، وافترضوا أن الطريق إلى الوفاق بات سالكاً، وأنه لم يعد يحتاج إلا إلى التفاهم على «العهد الجديد» بعنوان الاسم الذهبي لرئيس الجمهورية العتيد.
لكن تعابير من نوع «الوفاق الوطني» أو «توافق اللبنانيين» أو الإلحاح على انتخابات رئاسية تعيد جمع اللبنانيين وتوحيد صفوفهم حفظاً لدولتهم ومستقبل أجيالهم فيها، كلها غابت عن الكلمات الرسمية الباردة التي أطلقها الرئيس الأميركي مدغدغاً فيها مشاعر القائد الشاب وطموحاته مع وعود غامضة بدعم حكومة السنيورة والقوى الأمنية في مواجهة «المتطرفين»..
بالمقابل، وبعد كل هذا الحرص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية، أبلغ الرئيس الأميركي ضيفه أنه «في غاية القلق إزاء التدخل الخارجي في الانتخابات الرئاسية.. وأن هذه الرسائل وصلت إلى دول مثل سوريا، بأنه يجب أن توقف تدخلها في الانتخابات الرئاسية… ونحن نتوقع أن تحترم سوريا هذه المطالب».
[ [ [
ليست الإدارة الأميركية معنية، إذاً، بالوفاق الوطني في لبنان، وبرئيس للجمهورية يكون أرض لقاء بين القوى السياسية المختلفة وعنواناً للعهد الجديد. إنها معنية بأن لا يتدخل «غيرها» في هذا الأمر.
وواضح ان «الوفاق الوطني» ممنوع من الدخول إلى الأرض الأميركية، وأن اسمه مدرج على واحدة من القوائم التي لا تفتأ هذه الإدارة تصدّرها بين الحين والآخر، مرة لابتزاز المعارضين، ومرة ثانية لتعزيز جبهة الموالين..
واضح أيضاً أن الوفاق مصلحة وطنية لبنانية وليست أميركية..
ثم إنه في متناول اليد لمن يطلبه ويرغب فيه، بل ويحتاجه ويريد حقاً الوصول إليه كمدخل إلى حل يجنب هذا الوطن الصغير مخاطر مصيرية..
إن الوفاق الوطني قريب، قريب، لا يحتاج إلى السفر إليه بالطائرة..
وليس اكتشافاً للبارود أن يقال إن من الممكن الوصول إلى هذا الحل السحري للأزمة… سيراً على الأقدام!
فبيروت بجهاتها المختلفة وضواحيها التي تتكامل معها فتكبر بها وتكبرها، أعظم ما فيها قلبها وليس مساحتها.. وما أيسر التواصل فيها لمن رغب فيه..
هل نحتاج إلى التذكير بأن واشنطن، بالبيت الأبيض فيها وإدارة جورج بوش ودهاليز المحافظين الجدد فيها، والكونغرس الذي يريد أن يفتدي جنود الاحتلال الأميركي بوحدة العراق، لم تشتهر بالحرص على الوفاق الوطني أو الوحدة الوطنية في أي بلد يكابر شعبه فلا يخضع لهيمنتها؟!
وإذا كان قد فات وقت النقاش في مبدأ الزيارة، وبهذا التوقيت، فلا أقل من ملاحظة جوهرية واحدة: ألم يكن من الإكرام للذاهبين إلى واشنطن أن يزوروها بوصفهم قد أنجزوا مهمة وطنية جليلة بإكمال مسيرة الوفاق، بما يؤكد جدارتهم بشرف القيادة في بلادهم، بدل أن يذهبوا إليها كطرف أو كممثل لقسم من اللبنانيين في حين كان متاحاً لهم أن يخاطبوها، وغيرها من العواصم القريبة والبعيدة، بوصفهم يمثلون لبنان الموحد بقراره في شأن حاضره وغده؟!
والرحلة والنصائح المواكبة لها لم تصل إلى خواتيمها بعد..

http://www.wa3ad.org/index.php?show=news&action=article&id=12968

الصفحة التالية